1 - التقسيم الفيدرالي يعود بشبحه إلى ليبيا...
2 - قانون العزل السياسي الليبي...
3 - هل تسرّع إستقالة المقرّبين بتطبيق قانون العزل في ليبيا؟
4 - ليبيا تستعين بالأمم المتحدة لكتابة دستورها...
5 - ليبيا تستقبل فريقاً أوروبياً لتأمين حدودها.
6 - الحكومة الليبية تعد خطة تنمية واسعة لامتصاص الغضب الشعبي...
7 - ليبيا ترفض اتهامات الدول المجاورة لها بزعزعة استقرار المنطقة...
سبعة عناوين، جدير كل عنوان منها بتحليل مستقل، في ظل كل ما تعيشه ليبيا حالياً من إنقسامات قبلية ومناطقية وميليشياوية، حيث تفرض الأخيرة سلطتها على الحكومة ووزرائها وعلى المجلس الوطني العام (البرلمان) المنتخب من الشعب.
السؤال في هذه النقاط السبع، تدفعنا الى التعليق عليها في هذه المقالة بعجالة مكثفة، حتى لا يمل القارئ من ذكر النفاصيل وتفاصيل التفاصيل.
في النقطة الأولى حول التقسيم الفيدرالي الذي أطل بشبحه واضحاً في ليبيا في الآونة الأخيرة، يستوجب إلى عودة تاريخية موجزة، وأن لا يفهم من خلالها إننا مع أحد، بل نحن مع الشعب الليبي.
في العهد الملكي كانت الفيدرالية موجودة في ليبيا إبتداءً من النصف الأول من القرن العشرين ولكن ثورة الفاتح في الأول من أيلول/سبتمبر عام 1969، قضت على ما يسمى بالتقسيم الإداري أو الفيدرالي لليبيا بضم الولايات الثلاث وهي «برقة» في الشرق و«طرابلس» في الغرب و«فزان» في الجنوب، قبل أن تعيد التقسيم الإداري على أساس المحافظات التي ظل العمل قائماً بها حتى رحيل القذافي وما بعده، حتى أعلن الحديث جدّياً وليس كالسابق على لسان أحمد الزبير السنوسي إعلان برقة إقليماً فيدرالياً بحكومة وجيش بعيداً عن سياسة الدولة.
طبعاً ثورة ليبيا الحديثة إشتعلت في 17 فبراير/ شباط 2011، قضت على كل المكوّنات التي كانت قائمة طوال 42 سنة من حكم العقيد معمر القذافي، ولكن هذه الثورة ما زالت متعثرة، لظروف البلد الأمنية والتدخّلات الخارجية وعدم قدرة المجلس الوطني العام (البرلمان) أعلى سلطة منتخبة من الشعب في ليبيا والحكومة الليبية من العمل في ظل سيطرة الميليشيات على الشارع وقدرتها بامتلاك السلاح الثقيل والخفيف والمتوسط من فرض هيمنتها وهيمنة من يقف ورائها. وهذا يعني أن الشعب الليبي اعتقد بتخلصه من نظام القذافي أن الثورة التي قام بها تملك «الفانوس السحري» في أن تعيد بناء الدولة وتنظمها بالمسح على «الفانوس». وهذا غلط كبير لأن عملية التهديم سهلة بينما عملية البناء صعبة وتحتاج إلى سنوات وسنوات.
في النقطة الثانية للأسف، كانت الميليشيات ومن يحركها ليستلب الثورة، هم القوة الضاغطة على المجلس الوطني العام حتى أقر قانون العزل السياسي واقراره للمقرّبين من القذافي كان يمكن أن يكون مقبولاً، ولكن ليس بحق كل من عمل مع نظام القذافي منذ وصوله إلى السلطة لأن الدولة الليبية كان يجب أن تستوعب أولادها وموظفيها في الجيش وفي عموم الإدارات والوزارات وفي الخارج، وهذا يعني أن ليس كل من عمل طيلة الـ 42 سنة في المجال الحكومي يجب أن يعزل سواء أولئك الذين انشقوا عن حكم القذافي وعاشوا في المنائي مطاردين وكذلك الذين انشقوا عن القذافي مع قيام الثورة. وهذا معناه أن ليس كل من عمل في الإدارات والوزارات الليبية كان مؤيّداً للقذافي. ولذلك قانون العزل حتى على المعارضين لمدة عشر سنوات يعاد السماح لهم بعد ذلك بالعودة إلى الوظيفة يعتبر هراء، هل يعود بعضهم على العكاز ليقوم بواجبه، كان يجب التسامح كما حصل في اليمن وفي تونس، لأن هؤلاء الرجالات بإمكانهم بناء الدولة، وإذا طبق قانون العزل على جميع السياسيين الذين خدموا ثورة 17 فبراير/ شباط في المحافل الدولية خلال الثورة، فما معنى هذه الثورة، أن يتسلط عليها نهج محدد بقوة السلاح؟
في النقطة الثالثة، نعم تسرّع إستقالة رئيس المؤتمر الوطني العام محمد المقريف قانون العزل وتخسر ليبيا أهم رجالاتها العقلاء الوسطيين، فالمقريف ولعزة نفسه إستعجل الأمر حتى لا يعيش مرارة العزل، وهو الذي إستقال من منصبه في 28 أيار/ مايو الماضي، بعد أن عاش مرارة التيه متخفياً في دول العالم حتى استقر لاجئاً سياسياً في الولايات المتحدة الأميركية، خوفاً من محاولات الاغتيال، وعوض أن تكرّمه الثورة بعد اقرار المؤتمر الوطني العام في أوائل أيار/ مايو الماضي قانون العزل، دفعته إلى احترام نفسه وتقديم استقالته، وتالياً فإن إقصاء سياسيين آخرين بات قريباً للأسف أمثال رئيس وزراء ليبيا علي زيدان والانسان الكريم المحترم محمود جبريل وغيرهم كثير من رجالات الثورة الذين أنجحوها في المحافل الدولية.
وفي الحديث عن قانون العزل السياسي لشخصيات هامة هنا قولان:
1 - القول الأول لثوار ليبيا: «من شأن العزل السياسي أن ينظف الحكومة الليبية ممن يسمونهم أزلام القذافي، كما سيحقق أهداف الثورة».
2 - القول الثاني لبعض السياسيين الجريئين في ليبيا، يقولون «أن القانون قد يستهدف معارضين للقذافي سبق أن عملوا معه في البداية من أمثال محمد المقريف ورئيس الوزراء علي زيدان»، ويضيف هؤلاء بجرأة «أن هذا القانون يهدف إلى إقصاء خصوم سياسيين للاخوان المسلمين وليس أتباع القذافي».
ويقول متابعون للوضع السياسي في ليبيا عن احتمال إجراء تعديلات في القانون تستثني هؤلاء المعارضين للقذافي.
في النقطة الرابعة، تستعين ليبيا بالأمم المتحدة لكتابة دستورها، وهل الخبرات الدولية أهم من الخبرات الليبية في القانون لكتابة أول دستور للبلاد منذ الاطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ومقتله في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011؟ أين رجال القانون في ليبيا الذين لا يشق لهم غبار والعديد منهم معروف في المجال القانوني الدولي؟
وكان جمعة عتيقة الرئيس المؤقت للمؤتمر الوطني العام اعتبر بحسب بيان أصدره مكتبه، أن الاستعانة بخبرات الأمم المتحدة وتجارب الدول الأخرى التي سبقت ليبيا أمر هام وضروري، خاصة أن هذا القانون مهم جداً ويجب أن يكون ديمقراطياً ودقيقاً جداً لانه سينبثق عنه انتخاب لجنة صياغة الدستور الذي سيقرر مصير وحقوق كل الليبيين، لكن عتيقة عاد ليشدد في المقابل على أن القرار النهائي والصياغة النهائية هي للشعب الليبي والسلطة الشرعية التي انتخبها الشعب متمثلة في المؤتمر الوطني العام.
حول هذا الكلام نقول «مكة أدرى بشعابها» والليبيون أدرى بمصالحهم، لكننا نقول لهم أن رجال القانون الليبيين أكفّاء بما فيه الكفاية إلا إذا بلغت حكاية تخوين الليبي لليبي مراحلها التي لا عودة عنها.
في النقطة الخامسة، استقبال رئيس الحكومة الإنتقالية الليبي الدكتور علي زيدان فريقاً إستشارياً مدنياً لحماية الحدود تابعاً للاتحاد الأوروبي خلال الشهر الحالي لافتاً إلى أن مهمة الفريق ستقتصر على تقديم المشورة الفنية في مجال حماية الحدود تنفيذاً للاتفاق المبرم بين ليبيا والاتحاد الأوروبي. هذا هام جداً من حيث المشورة، لكن أن لا يصار في تدخّل هذا الفريق في الشأن الأمني الليبي، ثم أين بقايا الجيش الليبي، لكن الخطة التي بحثها رئيس الحكومة في لقاء مصغر ليل الثلاثاء/ الأربعاء الماضي عن ضرورة زيادة رواتب الجيش والشرطة إلى الضعف أو بنسبة تصل إلى 60 بالمئة لتشجيع الميليشيات (الكتائب المسلحة) والشباب على الانخراط في صفوف الجيش والشرطة بشكل رسمي، أمر هام وضروري لأن من يحمي أي وطن من الأوطان على صعيد الأمن والجيش لا يمكن أن يكون إلا من أبناء الوطن أنفسهم.
في النقطة السادسة، الحكومة الليبية تعد خطة تنمية واسعة لامتصاص غضب الشعب، هي نقطة مفصلية، فمن المؤكد أن الاهتمام بالتنمية والبلديات ومنحها الميزانيات الخاصة لإعادة البناء وتسهيل أمور المواطنين، أمر ضروري لإعادة بناء المجتمع بوتيرة الثورة، وأهم من التنمية أو لتوفر التنمية توقف الانفلات الأمني ووجود (الكتائب المسلحة) في الشوارع.
في النقطة السابعة، ليبيا ترفض اتهامات الدول المجاورة لها بزعزعة استقرار المنطقة، قول يحتمل الاحتمالين، رفض كلام الدول، ولكن الحدود الليبية مترامية وفي ظل عدم وجود جيش يحمي الحدود فأن عبور هذه الحدود ممكناً، بعد تحوّل الأراضي الليبية سوقاً لبيع السلاح.
نعم حكومة ليبيا حتى تاريخه ضعيفة وحدودها غير مضبوطة والأسلحة بعد الثورة منتشرة في أيدي كل الناس. ولكن هذا لا يعني أن يوجه الاتهام إلى العاصمة طرابلس وحدها.
وكان رئيس النيجر محمد ايسفو في 31 أيار/ مايو الماضي قد قال أن المسؤولين عن عمليتين إنتحاريتين في بلاده في 23 أيار/ مايو أتوا من جنوب ليبيا، وأعلن أن المجموعة نفسها كات تخطط لتنفيذ هجوم في تشاد.
رئيس الوزراء الليبي الدكتور علي زيدان رد على رئيس النيجر محمد ايسفو قائلاً، أن هذه الاتهامات «لا أساس لها». وشدد على أن بلاده «لن تكون مصدر قلق في زعزعة إستقرار دول الجوار» التي تعاني منذ زمن من عدم الاستقرار.
وقال دبلوماسيون غربيون وعدد من المحللين أن منطقة جنوب ليبيا تحوّلت إلى نقطة تجمع للمجموعات الجهادية التي طردت من شمال مالي نتيجة التدخّل العسكري الفرنسي في 11 كانون الثاني/ يناير الماضي. وهذه المنظمة صحراوية نائية إزدهرت فيها عمليات تهريب الأسلحة والمنتجات والأفراد.
مدير المركز الافريقي للدراسات فرج نجيم في طرابلس لم يوافق رئيس النيجر الرأي وقال: «ليس لمالي حدود مشتركة مع ليبيا ما يشكل عقبة أمام تسلل المقاتلين إلى جنوب ليبيا». موضحاً «ان قبائل التبو تسيطر على جنوب شرق ليبيا التي لا علاقة لها بالمجموعات الإسلامية».
وكما هو معروف تتقاسم قبائل التبو التي تنتشر على الحدود بين شمال تشاد وجنوب شرق النيجر، السيطرة على الجنوب مع ميليشيات من الثوار السابقين الذين حاربوا نظام معمر القذافي في 2011.
هذا غيض من فيض عن ليبيا، ولكن بالأمن والتنمية وتعديل قانون العزل السياسي وتوفر المال، يمكن أن تتحوّل ليبيا إلى جنة إذا أراد لها أولادها ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق